في مؤتمر صحفي عقده أمس الأربعاء في العاصمة أنقرة، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن بلاده قد تخلت عن دعم “الثورة السورية” والمعارضة المسلحة، وسعيها إلى إنهاء الصراع الدائر بينهما وبين النظام السوري، الذي كانت تطالب بإسقاطه في السابق، ومنع “نشوب صراع جديد” بين الطرفين، بحجة مصالحها الأمنية.
التحول التركي
شهدت السياسة التركية تجاه الأزمة السورية تحولًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، فبعد أن كانت تركيا تستضيف المعارضة السورية وتمدها بالسلاح والمال والتدريب، وتدعو إلى تشكيل منطقة آمنة في شمال سوريا لحماية المدنيين من القصف والحصار، تحولت تركيا إلى دولة تتفاوض مع النظام السوري وتتعاون معه لحفظ الوضع الراهن، وتتدخل عسكريًا في سوريا والعراق لملاحقة الأكراد وتحقيق مصالحها الجيوسياسية.
المصالح الأمنية
أوضح وزير الخارجية التركي أن اهتمام بلاده بعدم تجدد الصراع بين الطرفين ينبع من مصالحها الخاصة، وليس من حرصها على السلام والعدالة في سوريا، وقال: “أولاً وقبل كل شيء، من الضروري وقف الصراعات كي لا يكون هناك مزيد من المهاجرين، ثانيًا، في بيئة يسودها الصمت، يمكن نسيان الكراهية لدى الجانبين، ويمكن أن يظهر موقف سياسي تجاه السلام وبناء المستقبل، أي من خلال الحوارات”، على حد تعبيره.
وأضاف: “ثالثًا، إن التنظيم الإرهابي (في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني/ PKK) الذي نوليه اهتمامًا خاصًا، يأخذ شيئاً على محمل الجد من جميع أنواع الصراعات ويخلق فرصة لنفسه، لمنع حدوث ذلك، فإننا نشارك في الأنشطة الدبلوماسية مكثفة وغيرها من الأنشطة لضمان استمرار الصراع في معادلة معينة وبقاء الأطراف في مواقفها الحالية، هناك جهد لا يصدق على الجانب الاستخباري، سواء على الجانب العسكري أو على هذا الجانب”.
الخيانة
يُعد هذا التحول التركي طعنة في ظهر الشعب السوري و”الثورة السورية”، فبعد أن كانت تركيا تدعم المعارضة السورية في كفاحها ضد النظام السوري، أصبحت تتعاون معه الآن، وهو ما يعتبره ناشطون سوريون خيانة للشعب السوري و”الثورة السورية”، وتراجعاً عن مواقفها السابقة، وانقلاباً على ما كانت تزعم أنها تدعو إليه من حرية وديمقراطية وعدالة للسوريين.
المستقبل
ما زالت تداعيات هذا التحول التركي غير واضحة حتى الآن، لكن من المرجح أن يؤدي إلى استمرار الأزمة السورية على حالها، أو حتى إلى تأزمها، كما أنه قد يؤثر على الاستقرار في المنطقة، ويزيد من مخاطر الصراع بين تركيا وإيران.